عن سنّتي التي فقدتها مؤخرا

Posted: 18 أوت 2015 in نصوص وخواطر
الوسوم:,

خلعت من قبل ثلاثة ضروس، ولم أشعر بفقدانهم لا في لحظة الخلع ولا فيما بعد، ولكن عندما قمت بخلع سنتي الأمامية الثانية في فكي الأعلى من جهة اليسار، شعرت بحالة لم تنتبني من قبل، ففي لحظة.. مجرد لحظة واحدة فقط، شعرت بأنني أخلع من نفسي وروحي لصالح اللاشيء، شعرت بلحظة مفارقتها لفكي، غير راغبة في ذلك، تشبثت به رغم تآكل عظامه التي كانت مجرد معلقة به في انتظار سقوطها في أي لحظة، أو على حد تعبير شقيقتي التي عملت بالتمريض لسنوات طوال في قسم الأسنان “روح اخلعها لا تقع في زورك وانت نايم”.. سمعت بأذني، وبلا أي مبالغة، صوت تمزق أنسجة اللحم الضعيفة المعلقة بها، شعرت بها وهي تخرج تاركة لي بعد ذلك تجويفا كبيرا في اللثة.. للأسف أشحت بوجهي عنها وهي ملقاة هامدة على طاولة الطبيب، وهي المرة الوحيدة التي سألني فيها عن رغبتي في الاحتفاظ بها، قلت بلا أدنى مساحة للتردد “لا”، هكذا وبكل بساطة تركتها وحيدة ليلقي بها في سلة القمامة غير مأسوف عليها. بعدما مشيت شعرت بأسى شديد وحالة فقد لم تتمكن مني من قبل، شعرت بالخسة والنذالة لتركي إياها تواجه مصيرها بين مخلفات أخرى لا تنتمي لعالمها. كانت واجهتي حين أتحدث وأضحك وحين أبكي فاغرا فاهي في لحظات النحيب، ورغم أنها في الشهور الأخيرة بدت وكأنها خارج السياق تماما ببروزها وتدليها بشكل ملاحظ وزائد، إلا أنها تنتمي لي وحدي، والآن لم تعد تنتمي لي وأصبحت بدونها أشعر بالأسى بعد أن وضعت بدلا منها واحدة مصنعة، تشبهها إلى حد كبير عندما كانت جيدة، ولكن لن تعوضني عن شعوري بها، فقط هي جسم غريب يحاول أن يتكيف فمي معه، ولكن للأن بلا جدوى.

تسعدني تعليقاتكم

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.